هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟ Bookmark article
ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، نقلا عن مصادر لم تسمها أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قال في اجتماعات مغلقة، إن مسألة ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل "يجب أن تعود إلى جدول الأعمال" مع تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه، مطلع العام المقبل.
وإذا صحت هذه الأنباء، فإن ذلك يعني أن نتنياهو ضم صوته إلى الأصوات الأخرى المؤيدة لذلك، في الائتلاف الحكومي الذي يقوده.
وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قد كتب على حسابه على منصة إكس، منشورا يدعو فيه ضمنيا إلى بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية خلال العام القادم، قائلا "2025 عام السيادة (الإسرائيلية) في يهودا والسامرة"، مستخدما مصطلحا يُشار من خلاله في إسرائيل إلى الضفة.
ويبدي قادة اليمين الإسرائيلي تفاؤلا بأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستفسح الطريق أمام ضم الضفة الغربية المحتلة، إذ اعتبر سموتريتش أن انتخاب ترامب يمثل "فرصة لبسط السيادة" على الضفة الغربية.
ولم يعلق مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد على تصريحات سموتريتش.
وتشير أرقام هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية الى أن الضفة الغربية المحتلة شهدت منذ بداية العام الجاري مصادرة السلطات الإسرائيلية لنحو 42 ألف دونم من الأراضي لأسباب مختلفة، كإعلانها أراضي دولة تابعة لإسرائيل أو وضع اليد عليها أو تعديل حدود المحميات الطبيعية .
وكان سموتريتش قد تعهد من قبل ببناء مستوطنة جديدة مقابل كل اعتراف دولي جديد بدولة فلسطين.
ومنذ اتفاقه مع نتنياهو للانضمام إلى الائتلاف الحاكم عام 2022، حصل سموتريتش على منصب وزير في وزارة الدفاع أيضا، وهو منصب يخوّله بإدارة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
وأنشأ سموتريتش دائرة منفصلة في مقر الإدارة المدنية التي تتبع للجيش الإسرائيلي لإدارة شؤون الاستيطان والمستوطنين، وشجع إقامة المزارع الرعوية التي تتيح الاستيلاء على أراض شاسعة.
وصنفت الحكومة جزءا كبيرا من الضفة كأراضي دولة ومناطق عسكرية مغلقة ومحميات طبيعية، وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول صنفت أراض جديدة كمناطق أثرية.
ورصدت إيمان عريقات، مراسلة بي بي سي في الضفة الغربية، الشعور العام في الضفة حول ضم إسرائيل لأراض جديدة، إذ يرى غالبية الفلسطينيون أن البنية التحتية والإدارية والقانونية والاقتصادية الفلسطينية أصبحت مربوطة بإسرائيل، ليأتي الإعلان عن قانون الضم الإسرائيلي - في حال حدوث ذلك - بمثابة خطوة سياسية تتوج ما تم تطبيقه من "ضم صامت" خلال عقود ماضية، وفق التعبير المحلي.
أصوات مؤيدة ومعارضة
ودعا سموتريتش نتانياهو، في وقت سابق، إلى إعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، إن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، قرارا يعتبر الاستيطان فيها "غير قانوني".
وقال سموتريتش إنه سيواصل العمل على ما وصفه بـ "تطوير الاستيطان وإحلال السيادة على أرض الواقع وإحباط إقامة دولة فلسطينية"، على حد تعبيره.
ورغم الأصوات المؤيدة لمثل هذه المخططات، في الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتانياهو، فقد ظهرت "معارضة بين رؤساء المستوطنات في الضفة الغربية"، حسب هيئة البث الإسرائيلية، باعتبار أنها قد تؤدي في نهاية المطاف، إلى تعرض إسرائيل لضغوط تستهدف حملها على الاعتراف بدولة فلسطينية، بموجب خطة السلام التي تبناها ترامب خلال فترة رئاسته للولايات المتحدة بين عاميْ 2017 و2021، والتي عُرِفَت باسم "صفقة القرن"، حسبما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية.
وأشارت الهيئة نفسها إلى أن وزيرة العلوم والابتكار والتكنولوجيا الإسرائيلية جيلا غمليئيل، وهي عضو في الكنيست عن حزب الليكود، تقف ضد مسألة السيادة على الضفة الغربية، باعتبار أن الوقت ليس مناسبا لمناقشة هذا الأمر.
وقال الباحث المختص في القانون الدولي بجامعة القدس منير نسيبة لمحمود عدامة، من مكتب بي بي سي في القدس، إن ضم الأراضي "بالقوة أو التهديد" مخالف للقانون الدولي، مشيرا إلى أن ميثاق الأمم المتحدة يحظر مثل هذا الأمر.
ولم يستبعد نسيبة في الوقت نفسه أن يعترف ترامب، بعدما يتسلم منصبه، بسيادة إسرائيل على الضفة الغربية، إن أقدمت حكومة نتانياهو على اتخاذ هذه الخطوة.
ويعتقد نسيبة أنه ليس لدى ترامب أي مشكلة مع مسألة "الضم" هذه، لأنه كان قد اعترف خلال رئاسته للولايات المتحدة قبل سنوات، بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما وقع قرارا يعترف فيه رسميا بسيادة إسرائيل، على مرتفعات الجولان المحتلة من سوريا في عام 1967.
لذلك ترى هيئة البث الاسرائيلية، أن خطط الضم هذه ربما تكون جاهزة للتنفيذ، خاصة وأن "صفقة القرن"، كانت قد تحدثت – وفقا لتسريبات نشرتها وسائل الإعلام - عن ضم مناطق من الضفة الغربية إلى إسرائيل.
مواقف منظمات حقوقية
وردا على تصريحات سموتريتش الأخيرة، قالت منظمة "السلام الآن" غير الحكومية الإسرائيلية، إن الحكومة الحالية "خطيرة"، و"تضحي بالرهائن (في قطاع غزة) على مذبح مستوطنات غزة، وتواصل إلحاق الضرر بمصالحنا الوطنية والأمنية، وتحول إسرائيل إلى دولة فصل عنصري"، على حد تعبيرها.
واعتبرت المنظمة في بيان، أن "الضم الرسمي للأراضي الفلسطينية المحتلة يخدم أقلية دينية متطرفة، وسيؤدي إلى كارثة ودمار" ما سيدخل إسرائيل في "دورة لا نهاية لها من الصراع والحرب، التي يرغب معظم الإسرائيليين في إنهائها".
وكانت المنظمة قد قالت في دراسة سابقة، إنه بعد عام من الحرب في غزة وما يقرب من عامين من إمساك حكومة نتانياهو بزمام السلطة "أصبحت سياسة الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة واضحة تماما: ضم الضفة الغربية وتقليص المساحة الفلسطينية في المنطقة ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في الضفة.
وقالت المنظمة، التي اتهمت حكومة نتانياهو بأنها "حكومة يمينية متطرفة مؤيدة للمستوطنين"، إنه تم إنشاء "ما لا يقل عن 43 بؤرة استيطانية جديدة (في الضفة الغربية)، معظمها بؤر استيطانية زراعية، تركز على الاستيلاء على الأراضي والطرد المنهجي للفلسطينيين"، منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأشارت إلى أن عدد البؤر الاستيطانية الجديدة في الضفة، لم يكن يتعدى في الفترة ما بين 1996 وحتى أوائل عام 2023، سبع بؤر سنويا في المتوسط.
وقالت منظمة "السلام الآن"، إنه تم التصديق – منذ نشوب الحرب الحالية - على إنشاء 8681 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية.
كما صادق مجلس الوزراء المصغر الخاص بالشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل، في أواخر يونيو/حزيران الماضي، على إسباغ الطابع القانوني على خمس بؤر استيطانية في الضفة.
ردود فعل
قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن تصريحات سموتريتش "تؤكد أن الحكومة الإسرائيلية تنوي استكمال مخططاتها بالسيطرة على الضفة الغربية في عام 2025، ولم تتوقف عن جرائمها التي ارتكبتها ضد شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس".
ورصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية إنشاء 35 بؤرة استيطانية "رعوية وزراعية " في مختلف مناطق الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وتقدر الهيئة مساحة المناطق المصنفة "ج"، أي التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، بـ61 في المئة من مساحة الضفة الغربية الاجمالية.
وتقول الهيئة إن 70 في المئة من المناطق المصنفة "ج" تخضع بالأساس ومنذ سنوات طويلة لإجراءات عسكرية وأمنية إسرائيلية مشددة تحظر على الفلسطينيين استخدام تلك الأراضي والمساحات".
كما أكدت ارقام الهيئة الفلسطينية أن 42 في المئة من المساحة الاجمالية للضفة الغربية تسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل من خلال "المستوطنات ومناطق غلافها والشوارع الالتفافية ومناطق التدريبات العسكرية للجيش والأراضي المعلنة كأراضي دولة ...الخ".
فيما تقدر مساحة المناطق المصنفة "أ"، التابعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، بـ 17.6 في المئة.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية تصريحات ودعوات المسؤولين الإسرائيليين حول تطبيق ما أسموه "السيادة" على الضفة الغربية المحتلة، وقالت الخارجية في بيان لها : "هذه قرارات استعمارية عنصرية بامتياز وامتداد لحرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا، واستخفاف متكرر بالشرعية الدولية وقراراتها وبالاجماع الدولي الحاصل على حل الدولتين".
وحسب تقديرات إسرائيلية، يقيم أكثر من 700 ألف إسرائيلي في بؤر استيطانية بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
ويشهد الاستيطان في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، ارتفاعا ملحوظا منذ وصول الحكومة اليمينية الراهنة إلى الحكم في ديسمبر/كانون الأول 2022.
وأدانت قطر تصريحات وزير المالية الإسرائيلي، التي قالت الدوحة إنها تضمّنت تعليمات بإعداد البنية التحتية المطلوبة لضم الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، معتبرة ذلك "انتهاكاً سافراً للقانون الدولي وقرار مجلس الأمن رقم 2334 وتصعيداً خطيراً من شأنه إعاقة فرص السلام في المنطقة، لا سيما مع استمرار الحرب الوحشية على قطاع غزة وتداعياتها المروّعة"، كما جاء في بيان لوزارة الخارجية القطرية.
وأدانت مصر بـ "أشد العبارات" تصريحات سموتريتش، التي قالت القاهرة إنه دعا خلالها لفرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية والتوسع الاستيطاني فيها، محذرة من مغبة الاستمرار فيما وصفته بـ "نهج التصعيد والتطرف الهادف لإطالة أمد الصراع وتأجيجه وتوسيع نطاقه".
وأصدرت وزارة الخارجية الأردنية بيانا أكدت فيه رفض عمّان المطلق وإدانتها لـ "هذه الدعوات التحريضية"، مضيفة أنه "لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة".